ريمان برس -
كان لقائي العابر به في منزل الأستاذ المرحوم المناضل أبو القصب الشلال في مدينة الحديدة، كان يؤمها حديث التخرج من ( المعتقل) الذي دخله بسبب قصيدته الشهيرة (نشوان).. ثم لاحقا وبعد عدة سنوات توطدت علاقتي به من خلال لقائنا في ديوان مقيل الشيخ المناضل الدكتور عبد الوهاب محمود _رحمهما الله جميعا _حيث كان من مرتادي الديوان الشاعر والمناضل الاستاذ المرحوم عثمان أبو ماهر المخلافي.
أعترف إنه مع أخرين من تأثرت بهم وانبهرت بشخصياتهم وكنت أمامهم احب أن أكون مستمعا حريصا على أكبر قدر من الاستفادة منهم، كان الأستاذ الراحل سلطان الصريمي إذا تحدث يسحرك بحديثه وتجد نفسك في حضرته صامتا ومستمعا بخشوع، حريصا أن لا تقطع له حديث، كان هو والمشير السلال، والدكتور عبد الرحمن البيضاني، والأستاذ عثمان ابو ماهر، والأستاذ محمد الزرقة _رحمة الله عليهم جميعا واسكنهم فسيح جناته _ أمام هؤلاء كنت أقف مستمعا خاشعا إلا أن كان هناك سؤال أو استفسار، اطرحه عليهم ثم أواصل الصمت وأستمع لكل ما يصدر عنهم، إذ كان كل واحدا منهم بمثابة مدرسة وطنية سياسية وأدبية، غير أن للراحل سلطان الصريمي نوافذ أخرى ربطتني به، نوافذ أدبية وفنية جسدتها اغاني الأستاذين الفاضلين أيوب طارش وعبد الباسط عبسي، وأن كان تعاونه مع الأستاذ أيوب أقتصر على اغنية واحدة هي (تليم الحب في قلبي) فأنها حملت من الصور الشعرية والجمل الإبداعية ما جعلها تمثل لوحة فنية خالدة حفرت كلماتها في تجاويف الوجدان والذاكرة وداخل شغاف القلب..
وزادت هذه الروابط مع انغام فنانا الاستاذ عبد الباسط عبسي الذي كرس في ذاكرتنا إبداعات الراحل وقدم لنا تحفا فنية سوف تظل راسخة في ذاكرة ووجدان الأجيال المتعاقبة.
في ملحمة أبجدية الحب والثورة ترجم فقيدنا أحلام شعب وتطلعات وطن ونسج من حروف القهر ملحمة أدبية غاية في الجمال مصورا مشاعر الغالبية الشعبية ومترجما أهاتهم إلى عمل إبداعي لا يتقنه سوآه.
أنيّت من باطلك يا قاتلي
وقلت للناس: قاتلنا حريف
ومن سمعني ضحك
وهز كتفه عجب
إلا المسافر
شبع..
من موتتي معرفة
وصاح مثلي: غلط !
من يكتوي مرتين!!!
فعلا كان القاتل ولايزال (حِريفْ) أو محترف ماهر بفن القتل..! والقتل لايعني هنا ما هو شائع في حياتنا ولكن للقتل أوجه متعددة وطرق وأساليب لاحصرا لها، وهذا ما نعيشه ولا نزل في مسارنا الحياتي.
ويتواصل السرد بقوله :
قهري أنا
آه يا قهري
والثعل طالع على أخواله
ليت الذي ما درى يدري
عن فَشْرة الظلم وانذاله
غُلبي على ساعتي تجري
وخاطري..
ضاقت أحواله
والاذاعة!
توزِّع عدالة بلاش
الرخاء والسعادة بلاش
من يشالُه
أخذ لُه بلاش
والديمقراطية!
في دكاكين الاعلام مثل العسل
من سمع يلحسه
من قدر يلحسه
بس!! واضيعتك واعداله
عن ديار المساكين
بس!!واغيبتك وا ديمقراطية
عن حياة الملايين
والعجيب العجيب!!
كيف ما هلش؟
بين الاذاعات
وبين الذي يسمعُنّه حياء؟
بين الخطابات .. وبين الذي
يقرأنّه خجل؟
زمان الجعالة جزع
شعبنا قد كِبر
ما يشاش الجعالة خلاص
قد عرف
كيف تكون الدُسوت
التي تحمل السُم بين العسل..
رحم الله الاستاذ والشاعر المناضل سلطان الصريمي ابن البلد رفيق المقهورين والمعبر عنهم وناقل معاناتهم إلى مسامع أولئك الذين بنوا سعادتهم وهم قلة على تعاسة الغالبية من المقهورين في وطن القهر المتجدد..؟! |