ريمان برس - خاص -
على إثر تداعيات الأحداث الدرامية التي حدثت في لبنان وسوريا كحصيلة لما يحدث في فلسطين وفي قطاع غزة تحديدا، برزا مؤخرا خطاب إرتهاني لدى بعض الأطراف اليمنية التي تفألت بما حدث في لبنان وسوريا وراحت تسوق خطابها الإرتهاني بقدر من الشفافية وتمني نفسها بأن ما لم تحققه طيلة السنوات الماضية عن طريق التحالف الدولي سوف تحصده وتحققه اليوم بتحالف يضاف إليه الكيان الصهيوني..؟!
هكذا وبكل وقاحة وسفور يتحدث البعض ممن راهنوا ولايزالوا يراهنوا على محاور الإرتهان وإمكانية إعادة فرضهم على الشعب كحكام وقادة..؟!
منحلين.. نشاهدهم عبر الفضائيات بزعم إنهم محللين يتحدثون عن الحسم القادم، وأن (إسقاط صنعاء) أصبح فعلا ممكنا شريطة أن يقوم التحالف الدولي بما فيه الصهاينة بشن هجوما جويا يمهد الطريق أمام (الجيش الوطني)؟ وضعوا أمام عبارة _الجيش الوطني _الف خط وخط، فمن أين يكون جيشا وطنيا، وهو يعتمد على قوى الاستعمار وبصلافة ويراهن عليها في اجتياح وطنه وقتل أبناء وطنه؟!
ذات يوم مؤغل وأثناء الغزو الأمريكي للعراق رقص البعض طربا وابتهجوا وأقاموا الاحتفالات بسقوط النظام في العراق وكان ( أمير الجماعة الإسلامية ومرشد الإخوان محسن عبد الحميد) ضمن الذين باركوا الغزو الأمريكي ودخل محمولا على ظهر دبابة أمريكية صحبة المندوب السامي الأمريكي والحاكم الاستعماري _ بول بريمر _ يؤمها قال أحد أكبر قادة الإخوان في اليمن وهو في أوج سعادته بما حدث في العراق (إنه مستعد للتعاون حتى مع الشيطان لاسقاط النظام في صنعاء) وأضاف في لحظة جدل حاد دار بيننا في حوش نقابة الصحفيين اليمنيين (أن حذاء بوش أشرف من وجه حاكم البلاد) لحظتها رأيت عديد من الزملاء كانوا يلتفون حول طاولة الجدل العقيم ينسحبون تباعا متذمرين من طرح القيادي الإخواني الذي واصل حديثه عن فساد الحاكم واخبرته انهم شركاء بما حدث في البلاد، شركاء في الفساد أن لم يكونوا هم أكثر من أفسد وعبث في عهد النظام الذي إنقلبوا عليه بعد انتخابات 1997م حين اتخذ الدكتور عبد الكريم الإرياني _رحمه الله _قرارا بضرورة أن يحصل المؤتمر على الاغلبية البرلمانية حتى يتمكن بتشكيل حكومة مؤتمرية خالصة ودون تحالف أو مشاركة حزب الإصلاح وهذا ما حدث..!
كان الإصلاح وبعد حرب صيف 1994م التي حرض من أجل أندلاعها وعمل بكل الوسائل والاساليب الامنية والاستخبارية والسياسية والدبلوماسية وصولا إلى الاغتيالات التي طالت كوادر الحزب الاشتراكي، وفعلا حقق الإصلاح رغبته واندلعت الحرب فأصبحت السلطة مقسومة على اثنين المؤتمر والإصلاح، لتبدأ سلسلة الجرع الاقتصادية التي اتفق عليها نائب رئيس الوزراء للشؤن الاقتصادية عبد الوهاب الانسي الذي وقع سلسلة الاتفاقيات الإرتهانية مع البنك والصندوق الدوليين، ثم وبعد هزيمته في انتخابات 1997م خرج الإصلاح يحمل شريكه في تدهور الوضع الاقتصادي، وساعده في تسويق اتهاماته نخب انتهازية واعلام تضليلي ونفاق سياسي وذهبت النخب توزع ولائها بين (صالح) و ( على محسن) ولم نسمع صوتا جرئيا يصوب بوصلة المسار ويحذر من تمادى النخب في انتهازيتها، وتمترس رموز النظام عند تخوم مصالحهم وحده الشيخ سلطان السامعي كان يحذر وينافح الجميع وبعض زملائه داخل مجلس النواب، في تلك المرحلة أوجدت حالة النفاق السياسي على حساب القضايا الوطنية المصيرية ما يشبه حالة إستلاب وغياب الشعور بالمسؤلية ليتفاجي الجميع بما حدث في 2011م.. وما رافق تلك المرحلة من تحريف لكل شيء كل شيء تطبع بالأكاذيب والكيد السياسي ليسقط النظام في عام 2012م ويحكم الإصلاح مدعوما بالجنرال الذي كان يسعى لتقمص دور (الزناتي خليفه) مسنودا بأموال الجماعة وبنفوذ الرموز القبلية وترويكا المصالح من طبقة الانتهازيين الذين عملوا على تغليب مصالحهم على مصلحة الوطن والشعب، يؤمها انقلب الإصلاح على شركائه في الساحات وصادر الدولة بكل مؤسساتها ولم ينتظر، بل انطلق مباشرة في مهمة أخونة الدولة والأجهزة والمؤسسات على طريق التمكين فيما طبول الحرب ظلت تدوي عبر أدواته وشرعن فوضى حمل السلاح وقبيلة الدولة منقلبا على كل الشركاء والحلفاء والمؤلفة قلوبهم فجأت ثورة 21سبتمبر بعد أن تحول مؤتمر الحوار إلى ( بازار للنخاسة) فيما المرجعيات الوطنية أصبحت تتمثل في السفارات السعودية والإماراتية والبريطانية والأمريكية، فيما المبادرة الخليجية تحولت إلى ( مسمار جحا) لا أكثر منحت للآخر الأجنبي شرعية مصادرة القرار الوطني اليمني وتصبح اليمن تحت الوصاية،فيما ذهب البعض يستجدون من الاخر شرعية التمكين في الحكم والسلطة غير آبه بإرادة الشعب الذي يعد هو مصدر السلطات وصاحب القرار والسيادة، والمؤسف أن من صادر قرار الشعب، صادره باسم الحرية والديمقراطية ومصلحة الشعب..؟!
اليوم نرى أن ثمة إيغال في الحقد والكراهية والجحود والاستهتار بإرادة الشعب حين يذهب البعض إلى استجداء العدوان الخارجي لا يهم أن كان صهيونيا أو أمريكيا أو استعماريا المهم أن يعود للسلطة والحكم؟ ولا ادري أي شعب يمكنه قبول هذا المنطق؟ ولا أي شعب يمكنه أن يقبل من رموز الارتهان للخارج أن يكونوا حكاما عليه؟ أن الشعب اليمني من صعده للمهرة ومن كمران الي سقطري، هؤلاء الذين رفضوا وصاية العرب والمسلمين وتمسكوا بحريتهم وقرارهم السيادي الوطني، اقول كيف لهذا الشعب أن يقبل حكاما ياتون على ظهر دبابات أمريكا وتحت غطاء من الطيران الصهيوني الأمريكي البريطاني وتحالف دولي يأتي لتدمير وطن وقتل شعب ليعيد تنصيب حكام فاسدين ومرتزقة وعملاء جاهروا بعمالتهم واتخذوا من الصهيوني والأمريكي حليفا ضد الغالبية من أبناء وطنهم؟ أي مواطن يمني لديه ذرة من كرامة وطنية يمكنه ان يقبل بهذا المنطق الذي يسوقه للأسف منحلين من كل القيم الوطنية عبر الفضائيات ويقرعون طبول الحرب ويتفاخرون بتحالفهم مع أعداء الأمة والوطن..؟!
أن على هؤلاء من سلبهم الله عقولهم ليفضحهم أمام شعبهم أن يدركوا أن اليمن ليست لبنان وليست سوريا أيضا، بل هي مقبرة الغزاة وقد تكون مقبرة للجميع، لكنها لن تستلم لمنطق الارتهان والغطرسة ولو أدى هذا الي إن يباد الشعب بما فيه تجسيدا للمثل الحميري (تموت الحرة ولا تأكل بثديها) والشعب اليمني لن يقبل أن تطوعه رغبات المرتهنين لاعدائه، حتى وان كان له الف تحفظ على أداء حكومة صنعاء وألف ملاحظة لن يقبل أن يحكمه من يحرض على قتله وتدمير مقدراته، أن الشعب اليمني شعب حر وشريف لا يقبل الضيم وإلا ما ثار ضد النظامين الأمامي والاستعمار، وما ثارا ضد الفاسدين، ان شعبا لم يقبل بحكم فاسدين من أين له ان يقبل بحكم العملاء والخونة والمرتهنين..؟
أن حل مشكلة اليمن لن تحل لا باساطيل أمريكا ولا بطائرات الصهاينة ولا بأموال الخليج، ولا بتدخل كل جيوش العالم، لكن مشكلته تحل بالحوار وان يعود العقلاء الي رشدهم أن كان هناك بقايا عقلاء.. نعم قد يكون هناك تحفظا على سلطة صنعاء لكن هذا التحفظ لا يرتقي لمستوى التحفظ الذي يبديه الشعب تجاه أولئك الذين اتخذوا من ازمته مشروعا للاستثمار وتحقيق المصالح الخاصة.. وأن على أولئك المحللين أو المنحلين المجردين من كل قيم الهوية والانتماء أن يعيدوا حساباتهم في طروحاتهم وان لا يؤغلوا في استفزاز الشعب، الذي لن يقبل إلا أن يعيش بكرامة أو يموت بشرف وأن على العالم أن يدرك وخاصة أولئك الذين بيوتهم من زجاج واقصد دول الجوار الذين هم بمثابة خزانة أمريكا والغرب وبازارات مصالحهم، عليهم أن يدركوا أن المضي بمخطط استهداف اليمن وتطويعها لن يكون فعل من السهل تحقيقه بل سيحول المنطقة الي كتلة من اللهب وأن قيامة ستقوم على الجميع ولن يكون اليمن وحده الضحية والصواريخ التي تصل إلى عمق الكيان الصهيوني من السهولة عليها ان تصل إلى منابع النفط والي الابراج الزجاجية الفاخرة التي تكفيها بضعة صواريخ ومسيرات لتحولها الي ركام وليكون الطوفان خيار الجميع وزادهم المتاح..
أن صنعاء دعت ولاتزال تدعوا للحوار وعلى العقلاء أن يمدوا أيديهم لها ويقبلوا بالجلوس على مائدة الحوار مالم فابشروا بطوفان يحرق المنطقة بما فيها دون حساب للعواقب أيا كانت..
وكلمة اخيرة أو نصيحة لا تصدقوا أن الضربات الصهيونية أو الأمريكية أو ضربات ما يسمى بالتحالف قد أثرت أو قلصت قدرات صنعاء، بل عليهم أن يدركوا جيدا أن قدرات صنعاء محفوظة وفي آمان وجاهزة للحظة الحسم، وان كان عقد من الزمن تلقت خلالها اليمن مئات الالف من المتفجرات وملايين الغارات ولم تؤثر بقدرات صنعاء فمن أين لبضعة ضربات استهدف المدمر سلفا أن تؤثر على هذه القدرات.. والأيام بيننا. |