ريمان برس -
بعد هذه الواقعة عرفت أن اغاني أيوب وعبد الباسط توجد في أكثر من دولة بما في ذلك الدول الغربية وحيث يوجد يمنيين طلاب أو مهاجرين، توجد اغاني أيوب وعبد الباسط، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وفي منزل كل مغترب يمني نجد اغاني الأساتذة أيوب وعبد الباسط وآخرين من فناني اليمن.
وللامانة فأن سماع أيوب وعبد الباسط خارج الوطن، له صدى وايقاع مختلف عن سماع اغانيهما داخل الوطن وهذه تجربة عشتها وعشت تداعياتها وتفاعلاتها،هناك حيث تحمل اغانيهما إيقاعات فكرية ونفسية تؤجج الحنين للوطن والأهل والقرية، عند من لا تكون الغربة هدفا وغاية له، ومن تكون الغربة خياره فأنها تعطيه شعور بالأنسنة وتعيشه لحظات شبق للوطن والأهل ويستأنس بها ويتقوي بها على هموم الغربة وتداعياتها.
بمعنى أن لكل تفسيره في التعاطي مع هذا الإبداع الفني الذي قدمه الثنائي أيوب وعبد الباسط تحديدا لأسباب كثيرة اهمها إنهم نقلوا ومن خلال إبداعهم الفني معاناة المواطن اليمني البسيط، وحملت اغانيهم مشاعر واحاسيس الشعب اليمني ومعاناته، نقلوا حبه للوطن والثورة والحرية، وحبة للأرض وللمكان، للقرية التي ولدا فيها وترعرع في تضاريسها، للأهل والذكريات بفرحها وحزنها، بقساوتها، للضروف التي عاشها كل واحد منا في القرية حيث كانت الحياة محدودة وبسيطه وبريئة.
غير أن ثمة ملاحظة تثيرنا في إبداع الثنائي أيوب طارش وعبد الباسط عبسي _تحديدا _وهي أني قرأت قصائد اغلب الشعراء الذين غنا لهم هولاء العمالقة، لكن لم أجد في قرأتي متعة في تلك القصائد كما أجدها حين أسمعها بصوت أيوب أو عبد الباسط، فمثلا قصيدة ( طعمك قبل) للأستاذ عبد الله عبد الوهاب نعمان حين اقراها نصا من ديوان الشاعر، أشعر أن شيء ناقص فيها وإنها تختلف عن تلك التي يطربنا بها الاستاذ عبد الباسط بصوته الشجي، في قصائد أخرى لنفس الشاعر تغني بها الاستاذ أيوب أجد فرقا كبيرا بين النص وبين ما نسمعه بصوت أيوب، وحاولت كثيرا معرفة هذا التمايز بين النص واللحن وإدركت أن السر يكمن في عظمة الفنان.. نعم ولماذا اطلق عليه صفة فنان إذا؟ إلا لقدرته في اعطاء النص المجرد شكل وصورة فنية حين يحول الفنان النص المجرد إلى لوحة نموذج (يا سماوات بلادي) للأستاذ الفضول، بمعنى أن ما قدمه لنا فنانينا الأفاضل من أعمال فنية راقية جسدة بدرجة أساسية حسهما الفني الراقي وقدرتهما الإبداعية في تشذيب وتطويع القصيدة _ الفكرة_ وتقديمها للمستمع والمتلقي بأبهي صورة وهذا يعطي ما نسبته 75٪ من نجاح أي اغنية للفنان وليس للشاعر مع إحترامي وتقديري لكل الشعراء الأحياء منهم والأموات.
قد يتحسس البعض من طرحي هذا ومعهم حق لكني اعبر عن فهمي وقناعتي الخاصة لأن هذا ما توصلت إليه في رحلة مقارنتي بين ( نص الشاعر) وبين ما قدمه الفنان الذي تولى مهمة نحت القصيدة وتهذيبها وتقديمها كأغنية تطرب المستمع الذي قطعا لا يدرك حجم الجهد الذي بذله الفنان حتى تصل إليه الأغنية بالصورة الجمالية التي وصلت فيها إليه ولهذا اجدني أشبه الفنان كالنحات الذي ينحت من قطعة خشبية تحفة جميلة يقدمها بصورة إنسان أو حيوان وهذا هو حال الفنان مع القصيدة.
يتبع |