ريمان برس -
أقرأنا التاريخ عن الكثير من القادة الذين تميزوا بشخصيات إستثنائية واصيبوا بأمراض مزمنة غير قابلة للعلاج، لدرجة أن (سيجموند فرويد) الذي يعد من أبرز علماء النفس في الوعي الجمعي الغربي، وقف عاجزا أمام بعض من هذه الأمراض التي ليس لها عوارض أو مقدمات كبقية الأمراض التي تصيب الإنسان، ولا يمكن معرفة من يصاب بها الذي يبدو دائما إنه في حالة صحية جيدة ويتمتع بقدرات جسدية وفكربة وعقلية ونفسية عالية وأكثر إدراكا لكل مواقفه وممارساته بحيث يصعب على الأخرين معرفة المصاب بهذه الأمراض التي تجعل الأخرين يصنفون من يصابوا بمثل هذه الأمراض بتصنيفات غير متطابقة مع حقيقة حاملها، مثل أن يصنف هذا القائد أو ذاك الزعيم ب (الديكتاتور) والوصف يعني القائد الشرير والطاغية والشجاع والغير ديمقراطي الذي لا يسمح لاحد أن يعارضه أو يعترض على قراراته وإجراءاته، والحقيقة أن (الديكتاتورية ) هي ( مرض) يصاب به البعض من الشخصيات الذين عانوا من طفولة معقدة وعانوا خلال مراحل نمؤهم من الفقر و الجوع والخوف والقهر، وتعرضوا لكل أشكال الذل والاستبداد، وحين كبروا كبرت معهم احقادهم وكراهيتهم للمجتمع وشعور طاغٍ أستوطن ذاكرتهم رغبة في الثأر والانتقام من المجتمع الذي يشعروا انه اذلهم، وتمنوا فعلا امتلاك القوة لإحراق المجتمع الذي نمو في أوساطه رغبة منهم في الإنتقام مما عانوا منه خلال طفولتهم ومراحلهم العمرية.
كثيرة هي الأمراض النفسية التي يصاب بها البعض وخاصة شاغلي المناصب السيادية ويصعب إكتشافها بالطرق التقليدية التي تكتشف فيها بقية الأمراض العضوية وهناك عدة أمراض مثل (الغرور.. والانتهازية.. والنرجسية.. والسيكوباتية.. والشك.. والسادية.. والوسواس القهري.. والتوهم) ومسميات مرضية أخرى يعرفها علماء النفس، وجميعها مرتبطة بالأشخاص الذين يتقلدون مناصب سيادية في مجتمعاتهم ويصبح في قبضتهم مصير أوطانهم وشعوبهم، فيما تصبح قوات وقدرات وإمكانيات أوطانهم وشعوبهم،بأيديهم، كما يصبح حاضر ومستقبل أوطانهم وشعوبهم تحت تصرفاتهم..؟!
حسب علماء النفس فأن أكثر طغاة التاريخ وأكثرهم قمعا وتوحشا وإجراما، ممن يلقبوا ب (الديكتاتورين)،هم من أولئك الذين عاشوا حياة الخوف والجبن وطفولة معذبة، وحين كبروا كبر معهم جبنهم وخوفهم، حتى امتلكوا ممكنات القوة القاهرة فتحولوا 180 درجة واعتمدوا سياسة البطش والقمع والتنكيل، مدفوعين بسببين الأول تعويض عقد النقص التي تستوطنهم خاصة شعورهم الباطني بحقيقة جبنهم وتجردهم من شجاعة ذاتية مكتسبة، فيجدون بالقوة التي وصلوا إليها تعويضا ذاتيا لإثبات شجاعتهم من خلال الطغيان والقمع والتنكيل بكل من ينتقد سلوكهم.. السبب الثاني شعورهم بالدونية الاجتماعية وقناعتهم بأن المجتمع الذي نمو فيه هو سبب معاناتهم فتتحول نظرتهم لمجتمعهم إلى نظرات حقد وكراهية ورغبة إنتقامية تدفعهم للثأر من مجتمعاتهم..؟!
هذه العاهات النفسية قد لا تشكل خطرا أن استوطنت إنسان عادي في المجتمع الذي قد تنعكس نزعاته الثارية على محيطه الأسرى زوجته وأولاده، أشقائه وأقاربه، لكن الخطورة أن تقلد أمثال هؤلاء وظائف سيادية، إذ تنعكس معاناتهم على الجمهور المتعامل معهم، لهذا يفترض إخضاع أي شخصية ستشغل منصبا عاما أو سياديا أن يخضع لفحوصات طبية نفسية ويمنح شهادة طبيه تؤكد خلوه من الأمراض النفسية..؟!
على خلفية ما سلف اتساءل، عن مسؤلينا وأنواع الأمراض النفسية التي يعانون منها؟!
إذ من الصعوبة القول أن مسؤلينا خاليين من ( العاهات النفسية) التي وأن انكروها فأن اعمالهم وسلوكهم تدل على حقيقة مرضهم واصابتهم بكل العاهات النفسية المذكورة سلفا والتي تستوطن ترويكا النفوذ الوطني الذين يحتاجوا ليس لمجرد مصحة نفسية بل لمجمع طبي متخصص بالأمراض النفسية، قبل أن تحول تصرفاتهم الوطن بكامله إلى مصحة نفسية كل سكانه بحاجة إلى العلاج النفسي..؟!
الله سبحانه وتعالى حدد لنا أربعة أعداء يرافقوا الإنسان كظله وهم :النفس الأمارة بالسوء.. القرين.. والشيطان الرجيم.. والهواء.. لقوله تعالى _ أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيل_صدق الله العظيم.
وأن كانت هذه العاهات النفسية التي حذرنا الله منها، تصبح في حالة ابتعادنا عن الله بمثابة نقطة جذب في حياتنا، تعمل على إجتذاب بقية العاهات النفسية _ المشار إلى بعضها سلفا _ فنصبح بدون وعي اسرى لهذه العاهات التي تحكم وتتحكم بمسارنا الحياتي وبتصرفاتنا وعلاقتنا ببعضنا والأخرين..!
لذلك أجزم _يقينا _أن صناع القرار في بلادي يعانون غالبا من أمراض نفسية مركبة ومعقدة ويحتاجوا _أولا _لمصحات نفسية تعالجهم مما يستوطنهم من الأمراض، وهذا ما يفترض أن نطالبهم به، قبل أن نطالبهم بحل خلافاتهم وإنهاء صراعاتهم الدامية وتحقيق أمن وسكينة الوطن والشعب.. |