ريمان برس - خاص -
لكل نظرته في رؤية أسباب وأهداف وأبعاد العدوان الأمريكي على بلادنا وبهذه الصورة الهمجية والمثيرة لدرجة العبث،نعم أن ما تقوم به أمريكا من عدوان غير مبرر على الشعب اليمني، فعل يندرج في سياق إستعراض قوة والتعبير عن غطرسة إمبريالية في مرحلة تاريخية تعيشها أمريكا بكل قدراتها، مرحلة دخلت فيها أمريكا بعهد رئيسها الحالي مرحلة الأفول، فعجز أمريكا عن لجم عدوان حليفها الصهيوني في فلسطين، حيث وجدت نفسها مجبرة لدوافع سياسية داخلية على دعم العدو والتغاضي عن جرائمه التي ورغم التغاضي الدولي عنها خوفا من غضب واشنطن إلا أن ما يجري للشعب العربي في فلسطين من جرائم إبادة وضع العالم أمام أزمة أخلاقية، كما أسقط هذا العدوان الصهيوني اقنعة الزيف عن أوجه أمريكا والغرب والعالم الحر والمتحضر الذي ظل ردحا من الزمن يتغزل بحقوق الإنسان وحرية الرأي وحقوق الاقليات وأهمية الديمقراطية، وكل هذه الشعارات سقطت في فلسطين وسقطت في كل دول العالم الحر وعلى يد الصهاينة الذين وجدت إدارة ترمب نفسها ملزمة على دعمهم والدفاع عنهم والتغاضي عن جرائمهم، ورغم نجاح أمريكا في هذا الجانب وظهورها بمظهر القادر المتغطرس، إلا أن هناك تبعات تواجهها أمريكا داخليا وخارجيا..!
دونالد ترمب القادم للبيت الأبيض قدم إليها من خارج ترويكا الدولة العميقة التي يأتي منها رؤساء أمريكا وصناع القرار فيها، ترمب قدم للبيت الأبيض من (مؤاخير الدعارة وتجارة اللحم الأبيض) مدفوعا بثروة هائلة مكنته من تسخير الحزب الجمهوري ليكون في خدمته، وأندفع الحزب بعد الرجل، ليس) لأن الرجل لديه قدرات فكرية وسياسية، ولا رؤية ومشروع استراتيجي، بل بما يمتلك الرجل من ثروة ومن علاقات عامة، ونزوع متطرف نحو أمركة أمريكا، فهوا الذي ينحدر من أسرة مهاجرة قدمت من أيرلندا رفع شعار طرد المهاجرين واغلاق أمريكا أمام المهاجرين مع انها دولة مهاجرين وقامت على باكتاف وسواعد المهاجرين..!
مرحلة تراجعت فيها هيبة ومكانة أمريكا ودورها الجيوسياسي وزادت القضية الفلسطينية وحرب غزة وجرائم الصهاينة وتاييد أمريكا للعدو وتشجيعه على إرتكاب المزيد من الجرائم متخلية عن تعهداتها بتحقيق السلام والسلام (الإبراهيمي) الذي يعتبر ترمب مهندس هذا السلام المنبثق من فكرة (الديانة الإبراهيمية).. كثيرة هي التحديات التي وجدها ترمب تنتظره على مكتبه في البيت الأبيض، بعد قيامه بإطلاق سلسلة وعود مستحيلة التحقيق، أبرزها حرب أوكرانيا، والتوتر الجيوسياسي والاقتصادي مع الصين والشرق الأوسط وفي القلب منه قضية فلسطين التي اخفقت أمريكا بالوفاء بالتزاماتها، أضف الي كل هذا فقدان العالم الثقة بأمريكا خاصة مع قدوم ترمب بعد ظواهر سلبية وغير معهودة شهدتها أمريكا سياسيا واجتماعيا وتشهدها اقتصاديا، ولأن ما حدث في أكتوبر 2023م _معركة طوفان الأقصى _التي أحبطت مشروع ترمب الإبراهيمي وأصابت بمقتل طموحها الجيوسياسي وخاصة مشروع قطار الهند _حيفا، الذي كان سيقطع طريق الحرير الصيني، على خلفية كل هذه الأسباب كانت اليمن بمواقفها الإسنادية بنظر أمريكا هدف إستراتيجي مهم لأن ما أقدمت عليه صنعاء سابقة مقلقة لأمريكا تحديدا وكيانها اللقيط ولحلفائها في المنطقة، لذا ترك الرجل كل القضايا واتجه بكل غطرسة نحو اليمن بهدف لجم طموحها الذي لم يستوعبه ترمب بل استوعبته أجهزة الدولة العميقة الأمريكية، فأتخذ ترمب من العدوان فرصة لاستعراض قوة _أولا _ رغم عدم التكافؤ بين قدرات صنعاء وقدرات إمبراطورية عظمى بحجم أمريكا، ليتماهي بهذا السلوك مع حليفه الصهيوني الذي يخوض حربا غير متكافئة مع المقاومة ومع ذلك هزم فيها ولايزل رغم الدمار وحجم الضحايا.. الهدف الثاني من أهداف العدوان تطمين حلفاء أمريكا من دول جوار اليمن السعودية والإمارات، وإشعارهم إنهم سيكونوا بأمان طالما فتحوا خزائنهم لترمب..؟!
ثمة أهداف أخرى مركبة موزعة بين إظهار دعم أمريكا لعملائها في اليمن، وإرسال رسائل للصين على ضوء تسريبات إعلامية أمريكية أشارت لتعاون صيني مع صنعاء، وأخر الأسباب يمكن ربطها بالحوار الإيراني _الأمريكي، لكن في النهاية تدرك أمريكا عدم جدوى هذا العدوان لكنها تحاول تسويق انتصارات وهمية لتطمين المرتبطين بها بأنها قد قضت على القيادات ودمرت القدرات فيما هناك أزمة داخلية تتصاعد في أوساط البنتاجون وقيادة المنطقة الوسطى التي تشرف على هذا العدوان لكنها تنسب كل شيء للرئيس ترمب..؟!
أمريكا في اليمن أنهكت ماديا، وسياسيا وقانونيا وأخلاقيا، واستخباريا، وبالتالي لن تحصد سوي الهزيمة العسكرية والحضارية، ويدرك قادة البنتاجون هذه الحقيقة المرة، لكنهم مضطرين الظهور بصورة المتفوق حفاظا على مكانة دولتهم أمام العالم.. والأهم في اهدافهم من هذا العدوان هو محاولاتهم ثني صنعاء عن قناعتها المكتسبة فيما يتعلق ب( مضيق باب المندب وخليج عدن) وتكريس خيارها بأن هذا الممر هو ممر دولي لا يخضع لسيطرة اليمن وهذا أهم ما يحرك العدوان الأمريكي تجاه صنعاء. |