ريمان برس_ خاص - هو ليس مجرد أستاذ ولا فنان بل هامة وطنية وإنسان استثنائي ؛ مبدع تفرد في إبداعاته الفنية فشكل نموذجا استثنائيا غير مسبوق في تاريخ المسار الفني الوطني ..
ينتمي الفنان والأستاذ أيوب طارش العبسي _ حفظه الله وأطال لنا بعمره _ لجيل التحولات وهو الجيل الذي تشرب القيم الوطنية والإنسانية والأخلاقية وعمل بها واعتنقها وكانت وستبقى هذه القيم بمثابة العقيدة التي يصعب التخلي عنها ؛ أيوب لم يعشق الفن بل الفن نفسه عشق أيوب حتى الثمالة وحين تعشق المهنة صاحبها تحمله إلى مصاف النجوم وتنحت سيرته في ذاكرة ووجدان الأجيال الوطنية المتعاقبة ..قليلون هم المبدعون الذين أتخذوا من إبداعاتهم نافذة للتعبير عن قضية تتجاوز المهنة إلى تشكيل الذاكرة الجمعية الوطنية ومن هولاء كان الفنان والأستاذ أيوب طارش الذي غنى للوطن كل الوطن وغنى للحب والطبيعة والتضاريس والسهول والجبال ؛ غنى للعامل والفلاح والطالب والقائد والجندي والمهاجر ؛ غنى للعشاق والمقهورين وتغزل بكل المكونات الوطنية وبكل الشرائح والطبقات المجتمعية وكما غنى للوطن غنى للأمة ولفلسطين وناهض الغزاة والمستعمرين وقف ضد الظلم حيثما وجد بواسطة فنه ورسالته الفنية المتميزة .
أيوب طارش وفي رحلة مساره الفني الإبداعي كان أشبه ب( يعسوب النحل ) تنقل في حدائق الأزهار واعتصر منها أجمل رحيقها وأنتج كل ما فيه _ شفاء ودواء للناس كل الناس في وطنه _ ومن أغنية _ بالله عليك ومسافر _ وهي من كلمات شقيقه المرحوم محمد طارش _ إلى تغزله بقصائد العديد من الشعراء أبرزهم الشاعر المبدع المرحوم عبد الله عبد الوهاب نعمان ( الفضول ) والشاعر الأستاذ أحمد الجابري والشاعر المرحوم عثمان أبو ماهر المخلافي والشاعر المرحوم أبراهيم الحضراني ؛ والشاعر عبد الحميد الشائف والشاعر مطهر الأرياني والشاعر علي عبد الرحمن جحاف والكثيرين من الشعراء منهم الاغبري صاحب ( طل القمر ) والجنيد شاعر التصوف ومحمد أحمد منصور ومن التراث المتعدد في بيئتنا الثقافية وحتى الداعية والمصلح الاجتماعي الأبرز في تراثنا وتاريخنا السيد أحمد أبن علوان ؛ وخلال مسيرته الفنية الطويلة والغنية بالإبداع والتميز شكل الفنان والأستاذ أيوب لوحة فنية مفعمة بالإبداع والتنوع المجسدة للوحدة الوطنية بأزهى وأبهى صورها .
ولاشك أن علاقته بالراحل والشاعر الأستاذ عبد الله عبد الوهاب نعمان _ الفضول _ تميزت بالتوأمة والتكامل حد الانسجام الأمر الذي أعطى لإبداع الشاعر ( الفضول ) قوة وحضور وتألق من خلال إبداعات الفنان أيوب طارش الذي كان له الفضل في تقديم إبداعات الشاعر المرحوم ( الفضول ) ونقلها إلى الجمهور بالصورة التي تليق بها والتي تمنحها حقها من الحضور والجاذبية لدى الجمهور المتلقي الذي تشكل وعيه وعواطفه وهويته من خلال الفنان أيوب طارش وإبداعاته الفنية التي كانت وستظل بمثابة لوحات جمالية تستوطن بأطيافها وجدان وذاكرة الجمهور اليمني والعربي وهي الأطياف التي شكلتها ولونتها وقدمتها للجمهور ريشة الفنان أيوب طارش التي أبدعت أجمل الألحان وأكثرها سلاسة وقدرة على الانسياب لذاكرة ووجدان المتلقي .
لقد تابعت وخلال فترة طويلة الكثير من الجدل ( البيزنطي ) حول علاقة الفنان والأستاذ أيوب طارش العبسي بالشاعر الأستاذ المرحوم عبد الله عبد الوهاب نعمان ( الفضول ) والذي كان يفترض أن لا يكون ولكن حدث هذا للأسف وحسب اعتقادي أن كل هذا الجدل الذي حدث قد تم توظيفه بطرق خاطئة والهدف للأسف من وراء هذا هو استهداف هامة وطنية عملاقة بحجم ومكانة الفنان والأستاذ والمربي أيوب طارش من ناحية ومن الأخرى إخضاع إبداعات عملاق أخر هو المرحوم ( الفضول ) لجدلية المضاربة والابتزاز ومن فعل هذا لم يدرك حقيقة الملحمة الإبداعية التي شكلها الثنائي أيوب والفضول لا من حيث القيمة الوطنية ولا من حيث القيمة الحضارية والتاريخية والمؤسف أكثر أن البعض ذهب يغمز من قناة الفنان أيوب طارش وهو فوق كل الشبهات وفوق كل السفائف والقضايا العابرة ؛ متجاهلين العلاقة الإبداعية التي جمعت العملاقين ومزجت إبداعاتهما بصورة تكاملية قلما حدث مثلها في مسارنا الإبداعي وهي العلاقة التي صنعت مجدهما بعيدا عن الحسابات الضيقة والمصالح العابرة فهما معا جمعتهما علاقة إبداعية بعيدا عن حسابات من أثاروا الزوبعة بعد رحيل أحدهما ولا أعتقد أن هناك من يقدر أن يقيم علاقة أيوب بالفضول غير أيوب والفضول وما دونهما هو مجرد عبث سفسطائي عابر لا قيمة له .
فإذا وقفنا أمام حسابات مثيري الزوبعة أو من يحاولون الاصطياد في مسار هذه العلاقة علي خلفية مزاعم متعددة ممن يحاولون إخضاع أو تفسير علاقة الفنان بالشاعر وفق جدلية الربح والخسارة فهؤلاء وبقدر ما يسيئون بهذا السلوك لأطراف هذه العلاقة ؛ وخاصة للمرحوم ( الفضول ) فأنهم بذات القدر يكشفون عن غبائهم وانتهازيتهم لأن علاقة المبدعين لا تقاس بجدلية الربح والخسارة بل تقاس بمدى نجاح إبداعاتهم ورسالتهم الإبداعية .
إما من يحاول القول بأن ( لولاء الفضول لما كان أيوب ) فهؤلاء أكثر جهلا وجهالة فهذا الثنائي كان يكمل بعضه في سياق العمل الإبداعي _ أولا _ وثانيا _ ارتبطا المبدعان بعلاقة تتجاوز جدلية الربح والخسارة و _ ثالثا _ كان الشاعر ( الفضول ) موجودا قبل الفنان أيوب طارش وكان شاعرا قبل أن يكون أيوب فنانا ومع ذلك لم يحصل الفضول رحمة الله عليه على المكانة والشهرة وذاع صيته أكثر بعد أن التقى بالفنان أيوب طارش وشكلا معا ثنائي إبداعي متميز وحققا نجاحات أدبية ومعنوية خلال سنوات تعاونهما المشترك حتى بلغ صيتهما معا الآفاق الوطنية بل وتجاوز حضورهما الخارطة الوطنية إلى سماء الخارطة القومية وبالتالي ليس تعصبا لو قلت إنه لولاء الفنان أيوب طارش حفظه الله وأطال لنا بعمره لما اشتهرت وخرجت إبداعات ( الفضول ) بالصورة التي أخرجها الفنان أيوب طارش مع إن الفضول عاش قبل ذلك شاعرا وسياسيا ومبدعا ومناضلا وطنيا وعرف الكثير من المبدعين والفنانين لكنه لم يحظى معهم بما حظى به برفقة الفنان أيوب طارش الذي كان له الفضل الأول في أن يحتل المرحوم الفضول المكانة التي احتلها في الوجدان والذاكرة ولا يزل .
يتبع |