ريمان برس_ خاص -
يعتمد صناع القرار استراتيجية أحادية في صناعة قراراتهم ومنها القرارات السيادية وخاصة تلك المتصلة بالوجود القومي برمته ؛ ومنذ وجدت الأنظمة القطرية ورسم المستعمر حدودها واختار أسرها الحاكمة والقرارات الأحادية تكرس باسم الخصوصية الوطنية والمصلحة الوطنية وهي في المحصلة لم تخدم المصلحة الوطنية ولم تحقق الغايات الوطنية بل حققت مصلحة _ العدو التاريخي _ للأمة وحافظت على مصالح المستعمر وحققت أهدافه بل وغالبا ما تحول الحاكم العربي إلى _ مندوب سامي _ لقوى الاستعمار وحافظ على مصلحة المستعمر وبدون تكلفة يدفعها المستعمر كتلك التي كان يقدمها المستعمر خلال استعماره المباشر لهذا القطر العربي أو ذاك ..!!
لم يربط صناع القرار العربي قراراتهم لا بالهوية العقائدية والدينية ولا بالتاريخ والموروث الحصاري العربي ولا حتى بالمصلحة القومية والهوية العربية ؛ناهيكم عن ربط هذه القرارات بالمعركة الوجودية التي تعيشها الأمة مع _ عدوها التاريخي _ أعترف بها الحاكم العربي أو لم يعترف فالأمة تعيش معركة حضارية مع أعدائها وهذه المعركة لا تقتصر بالضرورة على المعركة العسكرية التي تعيشها ( فلسطين ) وهي المعركة التي تناثرت قذائفها وحممها إلى مصر والسودان والصومال والمغرب والعراق وسوريا وليبيا واليمن وهي معارك ولدت من رحم المعركة الأم معركة فلسطين التي حاول النظام العربي والحاكم الهروب منها والتخلي عنها تحت يافطات فضفاضة مخادعة وكاذبة وهي اليافطات التي رسم معالمها _ المستعمر ذاته _ سواء كان هذا المستعمر بملامح بريطانية أو فرنسية أو أمريكية أو صهيونية أو بملامح وكلائه لا فرق ففي النهاية كبلت هذه الأنظمة العربية _ طواعية _ بأغلال استعمارية _ والثمن بقاء الحماية الاستعمارية لهذه الأنظمة التي تستمد شرعيتها من الحارس الاستعماري وليس من جمهورها الوطني الذي طوعته وجعلت محور اهتمامه وغايته وكل أهدافه تتمحور في كيفية تأمين _ رغيف الخبز _ وأصبح النظام العربي الذي يوفر لمواطنيه _ الخبز والدقيق والسكر والأرز والزيت وبعض الكماليات _ هو نموذج للنظام العربي المستقر وقد تميزت بهذا الأنظمة العربية الثيوقراطية والمملوكة للأسر الحاكمة _ نموذج أنظمة الخليج والمغرب والأردن _ فيما الأنظمة التي حملت لواء التحرر من المستعمر وسعت للانعتاق من براثنه واغلال ثقافته وسعت لامتلاك عوامل التقدم والتطور سرعان ما تم كبح جماح تطلعاتها عبر افتعال سلسلة من الأزمات الداخلية والخارجية ومحاربتها بكل الوسائل والسبل من قبل المستعمر ومندوبيه من بعض الأنظمة في المنطقة وتم استدراجها وافتعال القضايا والأزمات لها إلا أن تم اخضاعها فعلا واخراجها من مسارها الافتراضي إلى مسارات ثانوية وصولا إلى جعلها منهمكة تقاتل في سبيل تأمين _ رغيف العيش لمواطنيها _ نموذج مصر وسوريا والعراق والجزائر والسودان واليمن وليبيا _ ووسط كل هذا المخاض كان الهدف الاستعماري وغايته هو إبعاد كل هذه الأنظمة عن قضية _ فلسطين _ ودفع الذاكرة العربية الرسمية والشعبية إلى نسيان هذه _ القضية _ والتخلي عنها وهذا ما نعيشه اليوم ..؟!!
لقد عملت المحاور الاستعمارية منذ نهاية العام 1970م على طمس كل القيم والمفاهيم القومية وواحدية المعركة والتحرير والمصير ؛ ودفعت اتباعها _ القطريين _ الى رفع شعارات _ الوطنية _ والهوية والقيم القطرية _ ومنذ العام 1990م تم إفراغ القيم والهوية الوطنية والقطرية من كل مضامينها وتم تدمير الدولة الوطنية وقيمها وإفراغ الهوية الوطنية من كل معانيها قبل إدخال الأنظمة الوطنية في متاهات داخلية وخارجية استعدادا للتخلص منها وهذا ما حدث بدءا من العراق مرورا بسوريا واليمن وليبيا والسودان والصومال ثم استغلال احداث 11 سبتمبر أيلول 2001م من قبل المستعمر الوريث لمن كان قبله من المستعمرين _ أمريكا _ التي حلت محل المستعمرين السابقين لها لتطلق في ممارسات أسواء السلوكيات الاستعمارية فارضة قيمها وقوانينها وتشريعاتها الاستعمارية دون أن يجرؤ أحدا على الاعتراض لها من الأنظمة التي رهنت نفسها مسبقا لواشنطن و(معارضات ) لم تختلف عن أنظمتها وبعد أحداث سبتمبر أيلول 2001م تمكنت واشنطن من تطويع الأنظمة عن طريق مؤسسات ( البنتاجون ) والتعاون العسكري تحت يافطة ( مكافحة الإرهاب ) ومن لم يكن معنا فهوا ضدنا ..؟ في ذات الوقت راحت تطوع ( المعارضات العربية ) عن طريق وزارة الخارجية ومؤسساتها تحت يافطة ( الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان ) فبرزت سياسة الاحتوى المزدوج في أبهى صورها من خلال تعامل أمريكا مع الأنظمة العربية ومع المعارضين العرب ؛ والغاية كانت الصورة التي تعيشها أمتنا اليوم ؛ حيث يهرول الجميع نحو( التطبيع ) مع عدو الأمة ( خليجيا بزعم الحماية من التوغل الإيراني ) ؛ مغربيا من أجل نصرة ملك المغرب على جبهة البوليساريو واعتراف أمريكا بسيادة الرباط على الصحراء الغربية مقابل اعتراف الرباط بالكيان الصهيوني وتطبيع العلاقة معه ؟ سودانيا رفع أسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب ومنحها مساعدات مالية من أمريكا والغرب مقابل اعتراف الخرطوم بالكيان الصهيوني وتطبيع العلاقة معه ..؟
وهكذا وصلنا لمرحلة الانهيار الكلي واصبح الراغب بالنجاة من الأزمات التي تفتعلها واشنطن أن يهرول للتطبيع مع الصهاينة مقابل رضاء واشنطن عنه وتقديم المساعدات له ؟!!
يتبع |