ريمان برس - خاص -
اعتدت منذ زمن على أن ابتعد في كل شهر من شهور (رمضان) المبارك عن الكتابة السياسية أو أي كتابة متصلة بالشان الوطني والقومي، مفضلا أن اقضي هذا الشهر في التأمل والعبادة فربما يغفر الله لنا ما يمكن أن تكون ذنوب عالقة ارتكبناها بوعي أو بدونه خلال عام مضى، غير ان ثمة ظواهر سلبية تزداد حضورا في حياتنا ظواهر لم تقف في نطاق المناخ السياسي العام، بل أصبحت تمس حياتنا ووجودنا، وامتدت تبعاتها لتزعزع استقرار الفرد والمجتمع، وتضرب مقومات الحاضر والمستقبل وتصادر سكينتهما..؟!
في ظل واقع مؤلم نتجرع مرارته افرادا وجماعات وشعب ووطن منذ عقد، وفيما كنا نمني أنفسنا بالفرج ونردد قوله تعالى ( وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) صدق الله العظيم.
غير أن ما تشهده البلاد عاما بعد عام من الظواهر السلبية التي ألقت بظلالها على حياة المواطن البسيط وضاعفت من ازماته وهمومه الحياتية بعد أن طالت الأزمات حياة الناس افرادا وجماعات وأصبحت تهدد وجودهم الحياتي ، فيما النخب المعنية بإدارة الشأن الوطني بلغت في غطرستها وتنابزها والاحتراب فيما بينها مدى لا يقف في نطاق تمزيق الجغرافية الوطنية، بل تمزيق مشاعر الأنتماء التي تؤدي بدورها الي طغيان (ثقافة الإلحاد بالوطن والنخب وكل المرجعيات) التي اعتدنا أن ننقاد خلفها ك( قطعان الماعز) نأخذ بما يصدر عنها كثوابت ونسلم بما تطرح علينا ونتعصب لطروحاتها وكأن ما يصدر عن هذه المكونات وعلى مختلف انتماءتها وكأنه من (المقدسات) الواجب الأخذ بها والقتال من أجلها..؟!
غير أن المرحلة التي نعيشها أوصلت الغالبية من أبناء الشعب الي مصاف (الإلحاد بوطن) لم يعد فيه للمواطن ولو هامش من (كرامة) بعد أن تم استباحت كل حقوقه ومصادرة حتى أبسط مقومات حياته (راتبه)، بل بلغ الأمر ابعد من هذا حين منع (الميسورين) من مساعدة (المحتاجين) واحتكار حتى مبدأ التكافل الاجتماعي بيد (جهات) بذاتها..؟!
أن الشعب يقبل وسيقبل قطعا بتطبيق (النظام الاشتراكي) ومستعد أن يعمل بدون راتب مع من يحكم شرط أن بتحمل من يحكم تأمين حاجيات الشعب من سكن وتعليم وعلاج وغذاء، لكن ما يجري في اليمن ظواهر غير مسبوقة، غير مسبوقة في فساد نخبها ومسؤليها، وغير مسبوقة في الإجراءات التي تتخذ في سياق إدارة الشأن العام، في المقابل لم يقدم أيا من أطراف الأزمة نموذجا يمكن للمواطن الوثوق به والانحياز له، ولكنها الفوضي وسياسة التجويع والمزايدة، حتى أصبح الشعب مجرد (كرة قدم) تتقاذفها أقدام اللاعبين..؟!
حرب وحصار، ومع ذلك (جبابات خيالية) وابتزاز ومصادرة ثروات وممتلكات بحكم القوة وفرض الأمر الواقع حتى ينتاب المراقب شعور ان من يحكم لا يحكم وليس لديه رؤية للحكم بل (ينتقم) ولديه رؤية واضحة للانتقام..؟!
هناء ( فاسد ( يتم ترقيته ويكافيء، وكلما تحدث الناس عن فساده يزداد نفوذه وتزداد صلاحياته إتساعا، وهناك ( مرتزق) كلما اتضحت حقائقه نجد دولة من هناء أو هناك تفرضه وتعمل بدورها على ترقيته وتمنحه منصب أكبر من منصبه السابق الذي فشل في إدارته ومع ذلك لا يهم والشعب في الحالتين وفي الجهتين هو الضحية مع اني اتلذذ بمعاناة هذا الشعب الذي رغم كل ما حل فيه لايزل يتعصب لهذا الطرف أو ذاك ولايزل يتعبد في محراب النخب الانتهازية والفاسدة والعميلة التي وصلت لمرحلة من الثراء الاسطوري لم تكن تحلم به بكل حياتها..؟!
أن ما يجري في هذه البلاد غير طبيعي وغير منطقي ولا يقبل به دين ولا مذهب ولا عرف ولا قانون، حتى (قراقوش) بكل ما نقل عنه من قرارات ومواقف وإجراءات لم يصل لهذه المرحلة بكل قراراته الاي وصل إليها واقعنا..؟!
هناء أصبح الشريف والنزيه منبوذا من طبقة الحكام، ومن يكافح الفساد وينتقد الفاسدين مرجف بالمدينة ويزعزع الجبهة الداخلية وبالتالي يصبح تلقائيا ( عميلا للعدوان ويخدم أمريكا وإسرائيل)..؟!
اقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم راجيا الله أن يهدينا أو يقيم قيامته علينا إنه على كل شيء قدير.
يتبع
11 مارس 2024َ |