ريمان برس -
مديرية حيفان.. مديرية مدنية مسالمة تقدس النظام والقانون وتحترم الدولة ومؤسساتها ويثق مواطنيها ثقة مطلقة بالدولة وأجهزتها.. حيفان قد تكون المديرية الوحيدة في الجمهورية ومنذ زمن مؤغل التي لا يحتاج مسؤلي الأمن فيها ولا جنودهم أن يحملوا أسلحة، وأتذكر جيدا في زمن التشطير كان العسكري الذي ينفذ على رعوي من الرعية في المديرية ينزل ب(عصاء) ويكفي (عسكري) واحد ينزل لقرية من قرى المديرية ويطلع كل سكان القرية للمركز ولم يكن أحدا يعترض على النظام والقانون، وأعرف لو احد مواطنيها خالف القانون كان بقية الجيران وأهل المنطقة يلزموه باحترام القانون..!!
لم تعرف هذه المديرية العنف والقتل والنهب والسرقة والفوضى والعبث من سكانها، وكان أن حدث وقتل فيها أحدهم بالخطاء ( ترتج المديرية بسكانها) ويخيم الحزن على الصغار والكبار ويبلغ صدى الحادثة مدينة تعز وتعم ريفها والحضر..!
كان فيها زمان شخص اسمه (عباده) اشتهر بسرقة المترفين والمتكبرين وأشخاص بعينهم، وكأنت سرقته تأتي بدافع التحدي أي إذا تحداه أحدهم بسرقة فلان أو بيت فلان فيقبل التحدي ويسرق الشخص المستهدف ولكنه يذهب لدار الشيخ ويبلغه انه سرق بيت فلان وهذا السرقة، فيستدعي الشيخ الرجل الذي استهدف ويعيد له ما سرق منه وكان غالبا ما يكتشف الضحية انه سرق من الشيخ ولم يكن قد اكتشف السرقة في بيته..؟!
حيفان كانت ولاتزال إيقونة الوعي الاجتماعي وقدم أبنائها التضحيات الجسام من أجل الوطن والدولة والثورة والوحدة، وإليها انتمي اعرق وأعظم المناضلين الوطنيين ولم يكن لحيفان وأبنائها مشكلة مع احد الا مع الطغاة والظالمين الذين تولوا مسؤلية البلاد فجاروا وتغطرسوا ولم يتردد وجهاء ورموز وأبناء حيفان عن مقاومتهم..؟!
لدرجة انه ذات يوم من أيام التشطير حين اندلعت الحرب بين النظامين الشطرين رابطت كتيبة عسكرية في حيفان واثناء ذروة المعارك اقدم احد الجنود بالتحرش بأحد المواطنين الذي ذهب يشكو هذا الجندي لعند الوالد المرحوم الحاج عبد القوي عثمان احد وجهاء المديرية الذي بدوره ذهب لقائد الكتيبة ونقل له شكوى المواطن فما كان من هذا القائد إلا أن وجه الكتيبة بالتحرك فورا الي الراهدة وترك حيفان بحماية أبنائها وتحت حراستهم وعلى مسؤليتهم وهذا ما كان..!
غير أن زمن جائنا بجوره ليخيم على حيفان وأبنائها وكأنه عقاب يعاقب حيفان وأبنائها على مواقفهم المناهضة للقهر والظلم والغطرسة، إذ يتولى شؤنها اليوم من لا يعرف حيفان وأبنائها ولا يعرف خصوصية هذه المنطقة ولا يعرف أهلها ولا يفرق بين كبيرهم ولا صغيرهم وبين الصادق فيهم والكاذب الانتهازي الذي يريد ترتيب اوضاعه عند المسؤلين الجدد وان على حساب البقية..؟!
اليوم في حيفان مدير مديرية لا سلطة له ولا كلمة فكل الأمور تدار من قبل الجانب الأمني والعسكري وكأننا نعيش في كنف حكم عسكري مطلق، حكم عسكري رموزه لا يثقون بأيا من أبناء المنطقة ولا برموزها من المشائخ والاعيان الذين كان نظام الإمامة يكلف آبائهم وأجدادهم مهمة حماية حدود البلاد، وبعد قيام الثورة كانت قادة الثورة يكلفونهم حماية المنطقة وكانوا يؤدون مهمتهم بمسؤلية وطنية واخلاص حتى حين كان الشهيد الرئيس عبد الفتاح اسماعيل وهو احد أبناء المنطقة والمديرية رئيسا لجمهورية اليمن الديمقراطية، كان ولاء هؤلاء الرموز والاعيان لليمن وكانت رؤيتهم أعلى واكبر من رؤية نظامي الشطرين وكان أمن المنطقة يحتل الاولوية في اهتمامهم اليومي.. كل هؤلاء أو ما بقى منهم تهمشوا اليوم في العهد الجديد..!!
ومنذ برزت الفتنة والحرب وأبناء المنطقة هذه يقاسون الآمرين ويتعرضون لكل صنوف القهر والتنكيل، بداية من تمركز مجموعة في هذه المديرية لم تسلم منهم بيت من السرقة والنهب وحدثت مظالم تشيب لها رؤس الأطفال، وبعد شكاوي وصياح وعلاج تم نقل هؤلاء فاستقرت الأمور نوعا ماء، إلا أن برزت قصة العملة (الشرعية) والعملة (القعيطي) ورغم أن هذه الأخيرة متداولة في بعض أجزاء من المنطقة وهناك صرافين رسميين معتمدين غير أن أصحابنا حراس الأمن الذين يراقبون كل حركات المواطنين ما أن يروا أحدهم يغادر باب الصراف حتى يطوقوه بالتهديد والوعيد ويجردوه من كل ما بحوزته، وإلا السجن والاهم جاهزة، ولا يترددوا بعد مصادرة ما مع المواطن الغلبان من الذهاب للسوق والتسوق بذات العملة المصادرة من المواطنين بزعم انها عملة غير شرعية وقعيطي..؟!
مظالم لا حصر لها وممارسات قهرية وتعسفية تمارس داخل المديرية ومن قبل من يفترض بهم حراسها الذين لا يثقون بأحدا من أبناء المنطقة وان كان منهم ومعهم ومسؤل معين من قبلهم..؟!
المؤسف حقا أن كل البلاطجة الذين كان الناس في المديرية يشكون من بلطجتهم في زمن النظام السابق هم اليوم اقرب الناس للعهد الجديد ومن يسخرهم المسؤلين الجدد في المديرية لخدمتهم..؟!
أن قدرا من العدالة والاحترام مطلوب لكي تتطبع الأمور داخل هذه المديرية التي لا تحتمل وأبنائها هذا الغبن والقهر اليومي والاستهتار والتعامل معهم وكأنهم (عبيد).. أيضا مطلوب الحوار بين مسؤلي المنطقة أيا كانت صفتهم وبين وجهاء واعيان المديرية وأصحاب الحل والعقد فيها وانزالهم المكانة التي يستحقونها وتليق بهم وبدورهم ومكانتهم الاجتماعية سوي كانوا قاطنين في المنطقة أو خارجها في المدن اليمنية.
أن سياسة البطش والتخويف وعدم الثقة لا تورث الا القلق الاجتماعي والنفور، ويجب كسر هذا الحاجز القائم بين المسؤل والمواطن وان يدرك المسؤل أن الكل وطنيين وليس هو وحده الوطني والبقية خونة ومشتبهين..؟!
الأمر الآخر ما يتصل بأزمة (الغاز) ومحاولة نقل المصدر من منطقة الي أخرى بحثا عن عمولات على حساب الناس الغلابة، بل يجب مراعاة ضروف المواطن وعدم تحميله نفقات إضافية بذرائع وأهية هدفها في النهاية زيادة مكاسب البعض على حساب الغالبية من أبناء المنطقة،إننا نعيش في وضع وطني مركب ومعقد والمفترض مراعاة هذا الوضع قدر الإمكان وعدم خلق أزمات إضافية أيا كانت بسيطة وعابرة وعادية بنظر البعض غير أن معظم النار من مستصغر الشرر، والنقد فعل مستحب لتقويم اي اعوجاجات ولا يجب الغضب من اي نقد ولا يجب القول نحن في (حالة عدوان) ولا يجب النقد حتى لا يستغلها العدو، بل هذا ما يجب أن يستوعبه المسؤل الذي عليه أن يتجنب ما يدعوا للنقد فالمسؤلية هناء تقع على ( المنقود) الذي عليه أن يتجنب كل فعل يؤدي إلى النقد، وليس على الناقد الذي هو مرآة يرى من خلالها المسؤل نفسه وعمله وصلاحيته من عدمها.
للموضوع صلة
17 مايو 2024م |