ريمان برس -
فيما يصدر بنك عدن المركزي قرارات مزاجية، يواجهة مركزي صنعاء قرارات مركزي عدن بقرارات مضادة والضحية في هذه الحرب البنكية هو الشعب اليمني والاقتصاد اليمني وبقايا رموز ومؤسسات الرأسمالية الوطنية، هؤلاء هم الضحايا أما أطراف الصراع في صنعاء وعدن فلن يتأثروا ولن تتضرر مصالحهم التي لم تتضرر منذ فجروا الأزمة قبل أكثر من عقد، حيث أثبتت الأحداث أن الشعب هو المتضرر الأول وبعده يأتي الاقتصاد الوطني وبقايا رموز الرأسمالية الوطنية الذين خفضوا اعمالهم وانشطتهم الي ما دون الاغلاق بدرجات فقط وقد تؤدي حرب البنوك المشتعلة اخيرا الي إغلاق بقايا انشطتهم ليزداد الشعب معاناة وقهر وجوع أن كان جزءا كبيرا منه يعيش على تحويلات المغتربين وجزءا أكبر يعيش على هبات ومساعدات هيئات ومنظمات دولية فيما أطراف الصراع يعيشون حياة الرفاهية والبذخ وبالتالي لايهمهم أن جعلوا الشعب جزءا من اسلحتهم يتقاتلون به وبتجويعه وبتراكم ازماته ومعاناته..؟!
اعترف أن في بلادنا نخب سياسية تعاني من حالة ( الشيزوفونيا السكوباتية) مضافا إليها (نرجسية) قاتلة وهم بحاجة لأن يخضعوا لعلاج نفسي مكثف أكثر من حاجتهم لأي شيء اخر، لقد بلغوا مرحلة من الجنون بحيث لم يعودوا يكترثوا بمعاناة الناس ويتوهم كل طرف منهم إنه على طريق الحق وان من يسيطر عليهم من أبناء الشعب ملتفين حوله وان.. وان..؟!
وكل هذه اوهام طوباوية فالشعب غالبيته وصل لمرحلة لم يعد فيها يطيق أيا من هؤلاء ولا يؤمن بطروحاته لان الأمن قبل الإيمان والجوع كافر واذا انتشر الجوع أصبح الكفر ثقافة الكل، وحتى الله سبحانه وتعالى يقول (اطعمهم من جوع وإمنهم من خوف) يعني لا عبادة لله الا بعد أن يطعم الجائع ويؤمنه من خوف، وهذا هو الله سبحانه وتعالى خالقنا الذي ربط عبادته بإطعام الجائع وتأمينه من الخوف، وبعدها تأتي عبادته سبحانه.. لكن أصحابنا المتناحرين عكسوا كل شيء فهم يريدون ولاء وطاعة وتبعية الشعب من أجل أن ينتصروا على بعضهم ويحققوا اهدافهم حتى ولو كان هذا الشعب جائعا وخائفا فلا يعنيهم الأمر، المهم ان يحصلوا على مساندة الناس وان كانوا جياعا وخائفين لا يهم..؟!
أي منطق بلغه صراع المتصارعين في هذه البلاد المنكوبة بهذه النخب ( المتأركسة) التي تشير عكس حركة الكون والتاريخ والأحداث..؟!
حرب البنوك تشكل ما يمكن اعتباره (رصاصة الرحمة) للاقتصاد ولمعيشة المواطن المجدبة اصلا منذ طلت علينا وجوه هذه النخب الباحثة عن ذاتها ومصالحها على انقاظ الجياع والخائفين وهم كل الشعب بعد أن أصبح الجوع والخوف يهدد قرابة 30 مليون يمني في وطن كل شيء فيه ممزق العقول والقلوب والجغرافية والهوية والثقافة والقيم والسلوكيات، ولم يعد هناك ما يمكن أن يراهن عليه المتناحرين الا ان يخوضوا معاركهم فوق جثث الشعب وجغرافية الوطن الاخذة بالتمزق والانهيار..؟!
أجزم أن لا عقلاء يمكن الركون عليهم في تداعيات المشهد الوطني الراهن، الأمر كذلك إقليميا ودوليا، بل هناك رغبات ثارية تلف أحداث العالم وتشكل قناعات أطراف الصراعات الدولية والإقليمية والوطنية التي أصبحت بدورها جزءا من ملفات الصراعات الإقليمية والدولية، وهذا يحدث حين تفقد النخب الوطنية عقولها وتطغي على سلوكياتها نزعات الانتقام وتركي الآخر مهما كانت التكاليف ولو احترق الشعب بنيرانهم فلا يهم هذه الأطراف عدد الضحايا بعد أن آمنوا بثقافة (نيرون) واعتمدوها كاستراتيجية في صراعهم..؟!
أن اخر معارك المتصارعين اليوم بعد أن استنفذوا كل وسائل الصراع رست على البنوك والمصارف وشركات الصرافة وهذا يعني إيجاد المزيد من التعقيدات في حياة الناس والمزيد من المعاناة في منعطف لم يعد الشعب يحتمل بعضها وليس كلها، والمؤسف أن تأتي هذه المعركة المصرفية في لحظة كان فيها الشعب يترقب حالة الإنفراج بين المتناحرين على ضوء تسريبات تحدثت عن قرب المصالحة وعودة المياه الي مجاريها لكن تفاجئ الشعب بإشتعال حرب البنوك والمصارف وهذا يبشر بمعاناة جديدة وبمرحلة جديدة من العبث والاستهتار بحياة هذا المواطن الذي لم يعد يحلم بأكثر من أن يبقى وأسرته احياء..؟!
31 مايو 2024م |